• مقارنة الأبناء ظالمة وسبب للآلام والانحرافات

    تعد المقارنات أحد الأساليب التي قد يستخدمها المحيطون نفسيا بالطفل لتوجيهه، معتقدين أن فعلتهم تلك تساهم في تحسين سلوك الطفل أو مستواه الدراسي، وقد أثبتت الدراسات والأبحاث التي اطلع عليها المختصون أن هناك جزءا ضخما من الآلام والمشاكل والانحرافات التي يعاني منها الأطفال نتيجة مقارنتهم بأقرانهم.

    » مقارنات ظالمة

    أشار المرشد التربوي والمهتم بالإرشاد الأسري، يوسف الدهمشي، إلى أن علم النفس بصورة عامة لا يجيز مقارنة الذات بالذوات الأخرى، ويعود ذلك لاختلاف كل ذات في قدراتها، وميولها، وطباعها، وحتى نظرتها للحياة، منوهًا إلى أهمية أن يعي الآباء والأمهات أن أطفالهم مختلفون عن بعضهم البعض، إذ يرى أن المقارنات ظالمة لأنها عندما تتم فإنها تقارن إيجابيات الأول بسلبيات الآخر، ومن الأكثر عدالة أن تُقارن الإيجابيات بالإيجابيات والسلبيات بمثيلاتها.

    » «أُم، أب، مُعلم»

    وأوضح أن مشكلة المقارنة تكمن في أنها تصدر من أكثر الأشخاص تأثيرًا على الطفل «الأم، الأب، المعلم»، وهم المحيطون نفسيا به، فتعد المقارنات الصادرة منهم من أكثر أنواع المقارنات تأثيرًا في الأطفال، ويعود ذلك لاعتقاد الأطفال بأن المحيطين نفسيا بهم، على الدوام صواب، ففي حال قولهم للطفل بأنه فاشل فسيعتقد أنه كذلك حقًا ولو بعد حين من الزمن.

    » ما بعد المقارنة

    وأضاف أن إحدى المشكلات التي تحدث بسبب المقارنة أنها تخلق عداوة لطرف ثالث ليس له علاقة بالموضوع، «المُقارن به»، قائلاً: «فعندما يُقارن الابن غير المتفوق دراسيا بالطالب المتفوق بالدراسة، فأول رسالة ستصل للابن أن الأب يضغط عليه لأن المُقارن به متفوق دراسيًا وأفضل منه، وعندها قد تبدأ تظهر لدينا ظاهرة معروفة جدا في التعليم، وهي سرقة دفاتر الطلاب المتميزين وتمزيقها، وذلك لدفع الشخص المتفوق ألا يكون أفضل منه».

    » آثار مستقبلية

    وأردف الدهمشي، قائلاً: «تكمن المصيبة عندما نضيف على المقارنات، بعض الألفاظ السلبية، مثل: خلك مثل محمد يا فاشل، كما أن من أكثر الجمل تحطيما لمستقبل الأبناء (أنت ما منك فايدة)».

    وأضاف أن الشيء الذي لا يعلمه الآباء والأمهات أن المقارنات تحدث في الوقت الحالي، لكن أثرها مستقبلي، مشيرًا إلى أن هناك قاعدة تقول إن غالبية مشكلات عمر الأربعين والخمسين عاما، يعود منشؤها للسنوات الخمس الأولى، كما أنه كلما كانت المقارنة في عمر مبكر، كان ضررها أكبر.

    » الحل الأمثل

    وذكر أنه لا توجد مقارنة صحيحة، إذ يَرى أنها تخالف فطرة الله التي فطرنا عليها، فحتى الأخلاق والتفوق موزع بين الناس، فدائما الشخص المُقارِن يعترض على قضاء الله وتقديره بطريقة غير مباشرة، إذ هو يريد جعل الناس جميعا سواسية وهذا أمر يستحيل فعله. ونبه: «لا بد لنا من معرفة أن للذكاء أوجها عديدة، فعلى سبيل المثال، قد يكون الابن الأول ليس ناجحا بالدراسة ولكنه ناجح في الذكاء الأسري وفي علاقته مع الآخرين، وممكن الابن الذكي دراسيا قليل النجاح في مسألة العلاقات الأسرية والاجتماعية». واقترح حلا لهذه المشكلة، يتمثل في عدم القيام من الأساس بالمقارنة، واستبدالها بمبدأ التعزيز، على سبيل المثال: «ذاكر، انجح، تميز» دون إضافة المُقارن به، مضيفًا أن هناك العديد من الحالات التي شوهدت خلف الزنزانات كانت نتيجة تقصير من الأبوين وعدم تقدير الابن.

    بقلم : أ. أمجاد سند
    المصدر : صحيفة اليوم
    https://bit.ly/2F5sC7d

© 2016 حقوق المحتوى النص لجمعية افلاذ